الردود والإجابات

"بعض" و"البعض"
“ حكم نطق كلمة (البعض) بدلًا من نطق كلمة (بعض الناس)؛ لأني قرأت أن الأولى خطأ من الأخطاء التي لا ينبغي أن ننطق بها. ”
الإجابة : أ. د. أحمد عبد العظيم

لكلمة "بعض" في اللغة العربية ثلاث صور، هي: ١- صورة تُستعمل فيها "بعض" مجردة من "أل" ومن الإضافة، ومن ذلك قوله تعالى: "وأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون"، فبعض الثانية مجردة من "أل" ومن "الإضافة"، والتنوين فيها عِوض عن المضاف إليه. ٢- صورة تُستعمل فيها "بعض" مضافة، ولإضافتها صور، هي: ا- تضاف إلى مفرد نكرة ، كما في قوله تعالى: "قال كم لبثت قال لبثت يومًا أو بعضَ يومٍ". ب- تضاف إلى مفرد معرفة، كما في قوله تعالى: "ليذيقهم بعضَ الذي عملوا". ج- تضاف إلى جمع مُعرَّف، كما في قوله تعالى: "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض". ٣- والصورة الثالثة تُستعمل فيها بعض مقترنة بـ "أل"، وهي الصورة التي يختلف فيها النحاة، فيجيزها فريق (وهو الصواب في القياس وفي الاستعمال- كما سنرى-)، ويرفضها فريق آخر، وحججهم واهية، منقوضة بالقياس والاستعمال، أمّا القياس، فإن كلمة "بعض": اسم مُعْرَب، والأسماء المعربة صالحة لدخول "أل" عليها، بل إن ذلك من علامات الأسماء، ولا يوجد قياس نحوي يمنع دخول "أل" عليها، وأمّا السماع، فقد ورد في شعر المرقّش الأصغر قوله: شهدت به عن غارة مسيطرة / يُطاعن بعض القوم و "البعض" طوّحوا. وإذا كان القياس يبيح ذلك، وجاء الاستعمال به، كان ذلك تأكيدًا لصحة دخول "أل" على "بعض"، ولوْ لَمْ يرد سماع، فإنه لا يلزم من عدمه، عدم الاطراد مع وجود القياس، ولا يجوز أن يُقال بالشذوذ فيما وُجِد له وجه من القياس، ومما يقوّي صحة دخول "أل" على "بعض" استعمال بعض مقترنة بـ "أل" في كتب سيبويه، والأخفش، وابن جني. ومما تجب الإشارة إليه أن "أل" هذه ليست أداة التعريف، وإنما هي "أل" التي تأتي عوضًا عن المضاف إليه المحذوف، والتعويض بـ "أل" عن المضاف إليه هو مذهب الكوفيين، وجرى عليه المفسرون في قوله تعالى: "فإن الجنة هي المأوى"، أي: مأواه، وفي قوله: "نُجب دعوتك ونتبع الرسل"، أي: رسلك، وحيث ورد التعويض في كلام الله، وكلام العرب، فإن ذلك يؤيد ويؤكد صحة دخول "أل" على "بعض". وقد اتخذ مجمع اللغة العربية قرارًا- في الدورة الحادية والخمسين- بجواز دخول الألف واللام على كل وبعض. (انظر ما يلي: مجلة مجمع اللغة العربية، العدد ٥٢ ص ١٦٥-١٧٠، وجمهرة أشعار العرب، ص٢٠١، والخصائص، ابن جني ج ٣ ص٣٣٤، والبرهان للزركشي، ج٤، ص٣٨، والمزهر للسيوطي، ج٢ ص 105، 106).