الرقمنة ومواكبة التكنولوجيا لحماية النصوص والمخطوطات الأصلية في مجمع اللغة العربية

كتب الدكتور/ محمود عبدالبارى
Image


على مدار 92 عاماً، عمل مجمع اللغة العربية بالقاهرة على خدمة اللغة وتنميتها وفق ضوابط علمية، وخلال السنوات الأخيرة سعى المجمع لمواكبة تطور الحياة، فاتجه إلى رقمنة مقتنياته وإصداراته القيمة، لحفظها وعرضها ولتيسير الاستفادة منها، من خلال الموقع الرسمى لـ«مجمع الخالدين»، عبر الإنترنت، وهو الموقع الذى يتيح للباحثين والجمهور غير المتخصص الاستفادة من ثمرة هذا التحول الرقمى المهم، حيث تسهم الرقمنة فى حماية النصوص والمخطوطات الأصلية، خاصةً الهشة والنادرة، وعلى المستوى الأكاديمى تساعد الرقمنة الجمهور على الاطلاع والقراءة، فهى تؤدى بذلك دوراً فى حل إشكالية الأمية المعرفية فى مجتمع المعرفة، وفى عصر تكنولوجيا المعلومات، وتساعد من ناحية أخرى على تقليص الفجوة المعرفية فى مجتمعنا العربى، التى تتمثل فى انخفاض معدل القراءة لدى الأفراد، مع تزايد إنتاج النصوص، ويتيح هذا التطور خاصية التجول الحر فى المعلومات والانتقال المرن فيما بينها، والحصول على أكبر قدر ممكن من الإفادة والمقارنة فى وقت قياسى، ودون الحاجة إلى توفير الكتب الورقية، كما تعمل الرقمنة على إتاحة خدمات المجمع للأشخاص البعيدين من مقره بالقاهرة، لتكون خدماته متاحة للأفراد والهيئات والمراكز البحثية فى كل مكان وبأقل جهد، لتوظيف هذا التراث فى الحياة العلمية والواقع المجتمعى.

عملية الرقمنة نفسها حققت أهدافاً جوهرية للقائمين على تنمية وتطوير اللغة فى مجمع القاهرة، مقارنةً بالإتاحة الورقية فى السابق، حيث يساعد التحول الرقمى على سرعة اكتشاف الأخطاء وحصر التكرارات وتجنبها، ومن ثم معالجتها فى النسخ الرقمية من مطبوعات المجمع، كما يسرت التواصل بين المجامع فى البلدان المختلفة، بما يتماشى مع سرعة تداول المعلومات فى شتى مجالات الحياة، وهو ما يكون له عائد فى توفير الوقت والجهد اللازمين للتواصل الواقعى، كما يعمل مشروع الرقمنة على خفض تكاليف الطباعة، والوصول إلى المعلومات بأقل درجة ممكنة من التكلفة، وساعد مشروع الرقمنة فى تمهيد الطريق لأن يضطلع المجمع بمهمة تطوير اللغة، لمواكبة التطور الهائل فى الذكاء الاصطناعى، باستحداث لجنة «الذكاء الاصطناعى»، مهمتها العمل على تطوير اللغة لتعليمها للآلة، وهى اللجنة التى تضم خبراء من عدة تخصصات، تعمل جنباً إلى جنب مع ما يزيد على 40 لجنة أخرى، تعمل فى السياق نفسه بصورة تكاملية.

وفى هذا الإطار، قال الدكتور محمد فهمى طلبة، عضو المجمع ومقرر لجنة «اللغة العربية والذكاء الاصطناعى»، ومقرر لجنة الموقع الإلكترونى ورقمنة محتواه، إن لجنة الذكاء الاصطناعى مسئولة عن الآليات المختلفة لتطبيقات الذكاء الاصطناعى فى مجال اللغة العربية، ويهدف للوصول إلى عدد من الأهداف تحقق بعضها، ونسعى لاستكمال العمل، ومن ذلك على سبيل المثال، إمكانية استخدام الترجمة الآلية من وإلى اللغة العربية باستخدام الذكاء الاصطناعى، وما إذا كان من الممكن تحويل النصوص المنطوقة إلى نصوص مكتوبة باللغة العربية والعكس، وهل من الممكن أن يتم التشكيل الآلى المناسب للكلمات بناءً على السياق لكى يسهل فهم الجملة، وإمكانية قياس المشاعر من النص، وتابع بقوله: «نستفيد من الأبحاث التى يجرى إجراؤها فى هذا المجال، واللجنة تقوم بتفعيل هذه المخرجات من الأبحاث بهدف تطبيقها، وعلى سبيل المثال رقمنة المستندات وتحويلها إلى نصوص، وكذلك تحويل الحروف المكتوبة إلى نص رقمى، يمكن توظيفه واستفادة الجمهور المستهدف منها على نطاق واسع. وأضاف «طلبة»، أن اللجنة تضم متخصصين فى مجالات متعددة، منها جوانب لغوية وتقنية، ويتم طرح مقترحات لتطبيقها فى الجانب التطبيقى، ومن أهم المخرجات رقمنة المجمع باستخدام الذكاء الاصطناعى للكتب والمحتويات الموجودة فى المجمع، بهدف مواكبة الثورة العلمية، وقد تم تحديد مجالات عمل الذكاء الاصطناعى المختلفة فى مجال اللغة العربية، ووضع آليات لتطبيق بعض هذه المحاور بما يدعم دور مجمع اللغة العربية، والمثال هو تحويل المستندات المختلفة ورقمنتها باستخدام التكنولوجيا، ومن بين هذه الأهداف أن يتم وضع المستندات المرقمنة على الموقع الخاص بالمجمع، ليتم البحث داخل الموقع، والحصول على المفردات المطلوبة فى المجالات المختلفة والمرتبطة بالمعاجم المتاحة، أى إن عمل اللجنة كان تحديد الدراسات ووضع آليات التطبيق وتنفيذ التطبيق للذكاء الاصطناعى، وبالنسبة للغة العربية هناك عدد من الأبحاث فى الآونة الأخيرة تمت الاستفادة منها، وكلما تمت الاستفادة تزداد الأبحاث لتحقيق الأهداف المرجوة.

ويقدم الموقع الإلكترونى لمجمع اللغة العربية بالقاهرة لزائريه إمكانية الاستفادة من خدمة البحث عن الكلمات والمصطلحات فى معاجم المجمع اللغوية، ومنها المعجم الوسيط ومعاجم مصطلحات العلوم الإنسانية والطبيعية والتطبيقية وغيرها من المعاجم، التى انتهى فريق العمل من رقمنتها وتطويعها لمحرك البحث المجمعى، وقد أصبح البحث عن تعريفات الكلمات والمصطلحات أمراً سهلاً وسريعاً، فبمجرد كتابة الكلمة فى المكان المخصص للبحث، ومن ثم اختيار أحد المعاجم أو كلها، ثم الضغط على «ابحث»، تظهر تعريفات الكلمة فى المعجم المحدد، أو فى المعاجم المختلفة، كما صار بإمكان الزائر المقارنة بين تعريف كلمتين فى معجمين مختلفين، وصار بمقدوره أيضاً أن يضغط على المرادف الذى يظهر فى نتائج البحث، ليحيله محرك البحث إلى تعريف ذلك المرادف فى المعجم نفسه أو فى غيره من المعاجم إن وجد فيها، ويمكن لجمهور المجمع أن يستفيد من خدمات محرك البحث المجمعى.

https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fwww.elwatannews.com%2Fnews%2Fdetails%2F7620210%3Ffbclid%3DIwZXh0bgNhZW0CMTEAAR30J0QORs2peF8U3aLMgdQLKuHJ7N9Q8Q4BveEAvAEVVp_430udSu-54GA_aem_b9HzBT7iQbrfAASUH5t-Ug&h=AT3yTvvqNZe9lwA--t32sKh9Njf2_K6xtTLrZejj0vmomE85Ng0xDPNtQ6TIYRTxImRCc482i_r1G6Hw9dwVtwTXn9dU4VcUnhgifmvHmk9r7xdaqQATq_9sfQMd-94XDIIL&__tn__=%2CmH-R&c[0]=AT0DJm-ETJPIvWMVq4YhQhDZdXFI37nQ1cBQ1Tu7jJx57OXjAwFYpGyvx2O3-4NUgfXfKg75ywtANsE4eOv-AdaUGZBYmIe2DJ1ueGkmhxd91cCbZSOs_fYeYvPX2SukdQRtbzr68w6jYuNZYjO8pTNYRItuwKIJ2MBeKIAFxem2dhYc1xJKMFpAiknOupNbM8k-HrzSZlGn26vyH2Ah-OcMxcI